هل الميزوفونيا مرض خطير | عندما تصبح الأصوات عدوك اللدود

الميزوفونيا . تنزعج من بعض الأصوات نفسياً يقودك للجنون حرفياً، والذي قد يراه البعض أنه غير منطقي الشعور بالغضب والضيق والرغبة في الهروب من الصوت المزعج، وتشعر بالانزعاج من صوت حركة الفم أثناء تناول الطعام أو أثناء التنفس أو تنزعج من صوت لوحة المفاتيح الخاصة بالكمبيوتر أثناء الكتابة أو صوت طرقعة الأصابع أو صوت ماسحة الزجاج في السيارة.
وقد تنزعج من المؤثرات المرئية التي تصاحب هذه الأصوات مثل حركة القدم المتكررة أثناء الجلوس أو حك الأنف أو المضغ والفم مفتوح وحركة الفك والفم أثناء المضغ، فإذا كان هذا ما تعانيه فربما تكون مريضاً بالميزوفونيا التي يُطلق عليها أيضاً متلازمة الحساسية الصوتية الانتقائية (selective sound sensitivity syndrome)، ويُشتق اسمها من كلمة يونانية تُعني “كره الأصوات”، ولكن هل هو مرض خطير أم يُمكن السيطرة عليه؟.

ما هو سبب عدم تحمل الاصوات
لا يعرف العلماء سبب الإصابة بهذا المرض حتى الآن، ولكن لا تقلق هذا لا يدل على وجود مشكلة بالأذن، ففي اعتقادهم أنه مرض نفسي وعضوي في آن واحد، إذ يرتبط بتأثير المثيرات الصوتية في المخ وكيفية تفاعل الجسم مع هذه المثيرات.
ويعود السبب لذلك حسب اعتقاد العلماء إلى وجود مشكلة في المخ لدى مرضى الميزوفونيا وطريقته في تنقية الأصوات خاصةً المتكررة منها والتي تسبب مشاكل سمعية.
كما أنه غير معروف حتى الآن السن المحدد الذي تظهر فيه أعراض المرض، ولكن يرجح العلماء ظهوره غالباً في سن 9-13 عاماً، ويصيب الفتيات أكثر ويتطور بسرعة على الرغم من عدم ارتباطه بأي حدث محدد.
بالإضافة إلى إحدى الدراسات الحديثة التي توضح سبب الإصابة بالمرض وعلاقته باضطراب طريقة التواصل بين أجزاء المخ الخاصة بالإثارة السمعية ورد الفعل القتالي (fight/flight response).
اكتشف العلماء جزء في المخ يلعب دوراً هاماً في التحكم في الغضب وتنظيم الأصوات التي تدخل للجسم من خلال بعض الأعضاء مثل القلب والرئة والقشرة الأمامية المعزولة (anterior insular cortex) التي اكتشف نشاطها العلماء باستخدام أشعة الرنين المغناطيسي في المخ أثناء دخول المثيرات الصوتية للمريض .
بالإضافة إلى تنشيط الجزء الخاص بالذاكرة طويلة المدى والمسئولة عن الشعور بالخوف والمشاعر الأخرى، مما يفسر سبب ردود الفعل القوية تجاه هذه المثيرات الصوتية
كما اكتشف العلماء وجود كميات كبيرة من مادة المايلين (Myelin) الدهنية التي تغطي الخلايا العصبية في المخ لتسهيل توصيل الإشارات الكهربية، ولكن ليس معروفاً حتى الآن هل هي السبب في مرض الميزوفونيا أم أنها تثير أجزاء أخرى من المخ.
كما يرجح البعض وجود علاقة بين مرض الميزوفونيا ومرض فرط الحركة وتشتت الانتباه بالإضافة إلى معاناة أغلب المرضى النفسيين من الميزوفونيا مثل:
- مريض الوسواس القهري.
- مريض القلق.
- مريض متلازمة توريت.
- مريض طنين الأذن (tinnitus).
وفي حديثنا عن هل الميزوفونيا مرض خطير أم لا تجد الطب يتقدم كل يوم لتظهر لنا إحدى الدراسات الحديثة ترجح وجود علاقة بين مرض الميزوفونيا وبين زيادة حجم اللوزة الدماغية (amygdala)، وعدم انتظام الإشارات المخية والتواصل بينها، إذ تلعب اللوزة الدماغية دوراً كبيراً في استيعاب ردود الأفعال تجاه البيئة المحيطة والأشياء التي تخيف المريض، لذلك يعتقد العلماء بوجود علاقة بين ردة فعل المريض تجاه المثيرات الصوتية وبين حجم اللوزة الدماغية.
أعراض الميزوفونيا
قبل أن أُجيبك عن سؤال هل هذا المرض خطير فلا بد من التعرف على أعراضها أولاً، إذ تختلف الأعراض من مريض لآخر حسب شدتها وردود أفعال المريض تجاه هذه المثيرات، فإذا كانت الحالة المرضية بسيطة فقد تواجه بعض الأعراض مثل:
- الرغبة الشديدة في الهرب.
- الشعور بالاشمئزاز من الطرف الآخر.
- القلق والتوتر.
- عدم الشعور بالراحة.
أما إذا كانت الحالة المرضية شديدة فقد تشعر بـ :
- الغضب الشديد.
- الخوف والذعر.
- الكراهية.
- الضغط العاطفي.
كما يتأثر الجسم بهذه المثيرات الصوتية، ومن أهم هذه الأعراض:
- ارتفاع ضغط الدم.
- التعرق.
- ازدياد معدل ضربات القلب.
- القشعريرة.
بينما تشمل التأثيرات السلوكية الآتي:
- التصرف بعدوانية رغبةً في إيقاف الصوت.
- الابتعاد عن المكان الذي يحتوي على المثيرات الصوتية المهيجة، وتجنب تلك المواقف.
- التصرف برد فعل قوي مثل الصراخ في الشخص الذي سبب الصوت.
هل الميزوفونيا مرض خطير ليصبح حِملاً ثقيلاً على صاحبه ويؤثر في حياته الاجتماعية، فقد يتطور المرض إلى قلق داخلي يؤرقه ويحرجه في التجمعات والمناسبات عندما تعرف هذه المثيرات طريقها إليه، فيصبح عليه تجنب الذهاب إلى المطاعم أو التجمع على مائدة الطعام مع الأسرة والأصدقاء، ويضطر إلى تناول الطعام بمفرده.
من أكثر عُرضة للإصابة بمرض الميزوفونيا
وعند الحديث عن الفئات الأكثر معاناة مع سؤال هل هذا المرض خطير أم لا، ستجد النساء في المقدمة لازدياد فرص إصابتهن أكثر من الرجال بنسبة 55%-83%، ولكن هذه النسبة لا تمنع الإصابة عن الآخرين فالكل مُعرض للإصابة، ولنتأكد من ذلك نحتاج لمزيد من الدراسات لمعرفة هل يوجد عوامل أخرى تتحكم في الإصابة بمرض الميزوفونيا أم لا.
هل الميزوفونيا مرض خطير | اختبار الميزوفونيا
قد يجد الطبيب مشكلة في التشخيص بسبب عدم وجود مشكلة في الأذن، إذ يختلط عليه الأمر ويخطأ في التشخيص معتقداً إصابة المريض باضطراب ثنائي القطب أو القلق أو الوسواس القهري.
علاج الانزعاج من الأصوات
يتساءل الكثير هل مرض ميزوفونيا مرض خطير ويمكن علاجه أم تتوقف الحياة عند هذا الحد، إذ يؤثر مرض الميزوفونيا على ممارسة الحياة الطبيعية خاصةً أنه مرض مزمن يصاحب المريض طوال حياته، ولكن يمكن السيطرة عليه من خلال اتباع برنامج علاجي متعدد التخصصات للدمج بين التخصص في علم الأصوات والعلاج النفسي.
وقد يطلب الطبيب من المريض استخدام سماعة أذن تخلق صوتاً يشبه صوت شلال المياه لتشتيت انتباهه عن المثيرات الصوتية وتقلل انفعالاته تجاهها، كما يلجأ الطبيب إلى العلاج السلوكي المعرفي للتعرُّف على ردود الأفعال والأفكار السلبية وتغييرها والابتعاد عنها نتيجة للمثيرات الصوتية التي تُزعج المريض.
كيف تتخلص من الميزوفونيا
وفي سياق متصل للحديث عن هل الميزوفونيا مرض خطير فلسوء الحظ يقع العبء على المريض للمشاركة في السيطرة على المرض وتغيير نمط حياته اليومية من خلال:
- ممارسة الرياضة يومياً.
- الحصول على قسط كافي من النوم.
- تقليل التوتر.
- ارتداء سدادات للأذن حتى لا تسمع الأصوات التي تُزعجه.
- تهيئة مكان محدد في البيت وتخصيصه للمريض للابتعاد عن المثيرات الصوتية التي تزعجه.
- التعرُّف على المثيرات الصوتية التي تزعجك وتجنبها.
- محاولة التكيف مع هذه المثيرات دون إصدار ردود أفعال متهورة ومندفعة، وتقليل الحساسية تجاه هذه الأصوات.

هل الميزوفونيا مرض خطير
لا يًعد هذا المرض مرضاً خطيراً أو يهدد حياة المريض، ولكن إذا كنت تتساءل هل الميزوفونيا مرض نفسي، فلك أن تعرف أنه يؤثر سلبياً على الصحة النفسية والعاطفية والاجتماعية بسبب الإصابة بأمراض أخرى عقلية بجانب مرض الميزوفونيا، كما يشعر مريض الميزوفونيا في الحالات الشديدة بالخوف والقلق والتوتر من سماع المثيرات الصوتية مرة أخرى.
وقد تكون هذه المشاعر قوية بما فيه الكفاية لتؤثر في أداء المريض لمهامه اليومية، لذلك يأتي دور العلاج ليساعده على التكيف، ولا تقلق فلا يُعد مرض الميزوفونيا نوع من أنواع القلق، إذ يُعد القلق مرضاً نفسياً معروفاً له أسبابه وأعراضه وتشخيصه وعلاجه بعيداً عن الميزوفونيا، ولكن يوجد علاقة بينهما ويمكن أن يُصاب المريض بالقلق بجانب إصابته بمرض الميزوفونيا.
ختامًا، أتمنى أن نكون قد أرحنا قلبك بعد معرفتك هل الميزوفونيا مرض خطير أم لا، وعلى الرغم من كونه مرض مزعج ويدفع المريض للعزلة والاكتئاب والتصرف بعدوانية في بعض الأحيان، ولكن لكل داء دواء ويمكنك المتابعة مع الطبيب النفسي حتى تستطيع التكيف مع هذه المثيرات الصوتية المزعجة وتستمتع بحياتك أكثر.