الصحة النفسيةصحة الرجلصحة المرأة

متلازمة ستوكهولم في الزواج والفرق بينها وبين المازوخية

ما هي متلازمة ستوكهولم في الزواج : أصبحنا ليلاً ونهاراً لا نسمع إلا أخبار الثنائي الشهير شيرين وحسام حبيب، أصبحت أخبارهم مثل الدواء المر لعلاج مرض مزمن لا نستطيع التخلص منه ولا من الدواء، فعلى الرغم مما تعرضت له الفنانة شيرين بسبب زوجها حسام حبيب الذي قادها لطريق الإدمان، ومحاولة أهلها إنقاذها للعلاج في إحدى المصحات، وحصولها على الدعم من زملائها والجمهور، إلا أنها بعد خروجها من المصحة عادت لزوجها مرة أخرى، فكانت صدمة لنا جميعاً ونحن نشاهد عقد قرانها للمرة الثانية وتجعلنا نتساءل عن سر تمسكها بهذه العلاقة المسمومة، مما يضعنا أمام حالة مرضية واضحة لمتلازمة ستوكهولم.

فما تأثير متلازمة ستوكهولم في الزواج ، وهل هناك فرق بينها وبين المازوخية، هذا ما سنعرفه في السطور التالية.

لماذا سميت متلازمة ستوكهولم بهذا الاسم

اقتحم لصان مسلحان أحد البنوك في مدينة ستوكهولم بالسويد في 23 أغسطس 1973م، وأسروا 4 رهائن بالبنك لمدة 131 ساعة متواصلة، ولم يتم إنقاذهم إلا بعد 5 أيام من التعرض للإهانة والعنف والتهديدات بالقتل والتعذيب والتنكيل حتى أنهم أحاطوا الأسرى بالديناميت، ولكن فوجيء رجال الشرطة بدفاع الرهائن عن اللصين.

ليس ذلك فحسب بل تمت خطبة إحدى الرهائن على أحد اللصين، ووكلت الأخرى أحد المحامين للدفاع عنهم، كما وجد رجال الشرطة صعوبة في وضع المتهمين في قفص الاتهام بعد تنازل النساء عن حقهن، وهاجمن رجال الشرطة ورفضن التعاون معهم أثناء التحقيقات دفاعاً عن الخاطفين.

لذلك أطلق العلماء مصطلح ” متلازمة ستوكهولم” تبعاً لهذه الحادثة في 1974م لتدل على التعاطف مع الخاطف والظروف التي به إلى ارتكاب الجريمة ومخالفة القانون، ولكن ما علاقة التاريخ بتأثير متلازمة ستوكهولم في الزواج .

ما هي متلازمة ستوكهولم في الزواج
ما هي متلازمة ستوكهولم في الزواج

ما هو سبب متلازمة ستوكهولم

تتكون متلازمة ستوكهولم من طرفين أحدهما الخاطف أو الطرف المسيطر في العلاقة الذي يتغذى نفسياً على محاولة السيطرة الكاملة على الطرف الآخر من خلال المعاملة القاسية والتلاعب بمشاعر الآخرين، وغالباً ما يكون مصاب الطرف المسيطر بالنرجسية والاعتلال النفسي أو السيكوباتية (Psychopathy)، كما يتسم بالإجرام، والأنانية.

يُظهر الخاطف أو الطرف المسيطر في العلاقة أفضل ما فيه من الجاذبية وقدرته على لفت الأنظار وكسب تعاطف الآخرين، تعرض في صغره لظروف عائلية غير سوية سواء انفصال أو تعرضه للعتف المنزلي، لا يجذب إليه إلا الشخصية الضعيفة التي تفتقر إلى المشاعر والأحاسيس العاطفية الجياشة، وعلى الرغم من ذلك لم يجد العلماء سبباً محدداً لمن يصابون بمتلازمة ستوكهولم عن غيرهم عند التعرض لنفس الظروف.

أعراض متلازمة ستوكهولم في الزواج 

تُعد متلازمة ستوكهولم محاولة دفاعية للعقل من خلال رفض تقبل فكرة التأثير الطاغي من الطرف الآخر على تصرفاته وكلامه دون وجود حرية الاختيار للمريض، ويضعها العقل تحت مفهوم الحماية والحب، ومن سوء الحظ لا نرى هذه الظاهرة إلا في 4% من الجرائم التي تتضمن وجود رهائن، وتتعرض النسبة المتبقية للانتحار أو القتل إذا حاولت الضحية إنهاء العلاقة.

يجد الأسير الترابط العاطفي طريقاً للنجاة من العنف، فقد تبدأ العلاقة سوية في بداية الأمر وبعدها تتحول إلى طرفين: سيد وعبده أو خادمه الذي ينفذ له رغباته خوفاً من العنف المنزلي والإهانة حتى ينسى أنه يحاول الهرب ويفقد ثقته بنفسه ويسيطر عليه اليأس.

حتى عندما تنتهي العلاقة يشعر المريض بالذنب والحيرة، والفراغ، والوحدة، وعدم الرغبة في ممارسة الأنشطة اليومية التي كان يستمتع بها المريض من قبل، واضطرابات النوم، وعدم القدرة على التركيز، والكوابيس.

كما تُستهلك العواطف ويشعر الأسير بالقلق، ويصبح مخلصاً لهذه العلاقة على الرغم من أثرها السيئ عليه، ولا يرغب في إنهاء العلاقة، كما يتجنب التجمعات والمناسبات الاجتماعية ويشعر بالحرج ممن حوله ونظراتهم التي تلاحقه متساءلة “كيف تظل في هذه العلاقة حتى الآن، لم لا ترحل؟”.

متلازمة ستوكهولم في الزواج 

تؤثر القرارات التي يتخذها الطرفين في هذه العلاقة المسمومة على احتياجات الأطفال، وقد يكون سوء الأحوال المادية أحد الأسباب في صعوبة إنهاء العلاقة أملاً في تحسُن الحالة المادية، ليصبح الرحيل أكثر سهولة، فكثير من العلاقات الزوجية تظل مستمرة على الرغم من الضرب والعنف والخيانة بسبب عدم وجود مصدر دخل مادي مستقل للزوجة، مما يضطرها لتحمل تلك العلاقة غير السوية حتى تحقق الاستقلال المادي عن الزوج الذي يمكنها من الانفصال عن الزوج، وقد يكون الزوج ميسور الحال وإذا اختارت الزوجة الانفصال فإنها ستخسر تلك الامتيازات المادية لها ولأطفالها، فلن تستطيع توفير حياة كريمة لهم، لذلك تضطر للتراجع عن قرار الانفصال.

ليس ذلك فحسب فقد يهدد الطرف المسيطر في العلاقة بفضح أسرار دقيقة عن العلاقة الجنسية بينهما، ونشر الشائعات عن الأسير أو محاولة ابتزازه جنسياً أو مادياً مقابل السكوت عن هذه الأسرار.

كيفية تشخيص متلازمة ستوكهولم في الزواج 

ليس من السهل التعرف على متلازمة ستوكهولم وتشخيصها، ولكن يتعرف عليها الأطباء النفسيين من خلال التصرفات التي تصدر من المريض التي تعرض لصدمة نفسية أو ضغوط أسرية أو زوجية، خاصةً أنه لا يُعد ضمن الأمراض النفسية ولا يعترف المريض بوجود مشكلة أو مرض يحتاج إلى حل، بل يعتقد أنها تصرفات طبيعية بدافع الحب، لذلك لابد من توقع حدوث متلازمة ستوكهولم في الزواج في كثير من العلاقات تنتهي بالانفصال أو الانتحار بسبب صعوبة التشخيص.

علاج متلازمة ستوكهولم في الزواج 

لا تُعد متلازمة ستوكهولم مرضاً نفسياً، لذلك لا يوجد علاجاً محدداً متعارف عليه طبياً،. لكنه يعتمد على الجلسات والاستشارات النفسية لمساعدتك على تخطي العلاقة الصادمة التي تعرض لها المريض التي كانت لا تُعد إلا محاولة دفاعية للحماية من أذى الطرف الآخر، وقد يحتاج لاستخدام الأدوية بعد استشارة الطبيب المختص لمساعدة المريض على علاج الأعراض المصاحبة للمرض مثل القلق واضطرابات النوم والاكتئاب.

هل هناك فرق بين متلازمة ستوكهولم ومتلازمة هلسنكي

وفي سياق متصل في الحديث عن متلازمة ستوكهولم في الزواج ، فقد كثر استخدام مصطلح متلازمة هلسنكي بالخطأ في إشارةً منهم إلى متلازمة ستوكهولم، وذلك بسبب خطأ غير مقصود في أحد الأفلام الشهيرة (Die Hard)، ولكن لا يوجد فرق بين متلازمة ستوكهولم ومتلازمة هلسنكي.

وعلى الرغم من ذلك إذا بحثت عن معنى متلازمة هلسنكي في القاموس فستجد المعنى مختلفاً تماماً، إذ يدل على من لا يستطيع التفرقة جغرافياً بين مدينة السويد وفنلندا، ولكن المصطلح الصحيح للظاهرة هو متلازمة ستوكهولم.

ما هي متلازمة ستوكهولم في الزواج
ما هي متلازمة ستوكهولم في الزواج

الفرق بين متلازمة ستوكهولم والمازوخية

لا يمكنك الخلط بين متلازمة ستوكهولم في الزواج  والمازوخية التي حصرها العلماء في ارتباطها بالسلوك والميول الجنسية المازوخية، ولكن اتبع العلماء مفهوم أشمل وأوسع للمازوخية، فقد تكون نتيجة للظروف البيئية المحيطة التي عاشها، وتأثير الجينات، والتجارب التي مر بها المريض منذ الطفولة، مما يجعله يضع احتياجات الآخرين قبل احتياجاته الشخصية؛ خوفاً من التعبير عنها والتعرض للعقاب أو اقتناعاً منه أنه أولى برعاية الآخرين بدلاً من الاهتمام بنفسه ومحاولة للبحث عن حل لمشاكلهم، مما يقلل من ثقته بنفسه، والشعور بالذنب والأنانية.

ختاماً، تُعد متلازمة ستوكهولم في الزواج هي السبب الأول والأخير لاستمرار الكثير من العلاقات المسمومة لعدم قدرتهم على تخطي تلك العلاقة أو الهرب منها مثل الفأر الذي يجري ليلاً ونهاراً في العجلة داخل القفص رغبةً في الحصول على فتات من الجبن، ولكن هل يستحق أن تسحق روحك في هذه العلاقة من أجل لحظات الحب التي يشوبها السيطرة والمصلحة؟.

المصادر

زر الذهاب إلى الأعلى