أمراض وأعراضاسئله واحوبه طبيهالحياة الصحيةالصحة النفسية

القلق | قل وداعًا لسارق حياتك!

القلق|بين صراع الأعراض وأمل العلاج

القلق | قل وداعًا لسارق حياتك!

تِك… تِك… تِك… مازالت تطاردني عقارب تلك الساعة الهوجاء، تُذكّرني بتناقص الساعات المعدودة المتبقية على موعد الامتحان النهائي، فيزداد شعوري بالقلق، وأتساءل: هل من طريقة يمكن بها علاج القلق الذي يُنغص عليَّ حياتي هذا؟

علاج التوتر
علاج التوتر

ما القلق؟

لا شك _عزيزي القارئ_ أنك شعرت بالتوتر أو الخوف في وقتٍ ما من حياتك، وهذا طبيعي؛ فلا يوجد بشر عادي إلا وقد اعتراه التوتر موقفٍ أو مواقف عدة، لكن إن لم يُصِبك ذلك الشعور قط فأنت بحاجة إلى مساعدة طبية!

يعتبر القلق جزءًا طبيعيًا من حياة كلٍ منا، فهو بمثابة الدافع الذي يحفزك لإنجاز مهامك ويبقيك حذرًا من المخاطر حولك، أما إذا تعارض مع أنشطتك اليومية وأثر سلبًا على جودة حياتك فهنا يعتبر اضطرابًا نفسيًا يحتاج إلى العلاج.

يُعد القلق العَرَض الرئيسي للعديد من الحالات المَرَضية، وتختلف أنواع القلق كما يلي:

  • اضطراب الهلع (Panic Disorder)

يعاني الشخص نوبات هلع متكررة، يشعر فيها بالخوف الشديد غير المبرر، قد تكون تلك النوبات متقاربة زمنيًا، أو بينها مدة طويلة قد تصل لأشهر.

يرتجف المريض ويتعرق بشدة، تتسارع دقات قلبه، ويتنفس بصعوبة، يشعر بآلام في قلبه وصدره ومعدته وجسده، ويفقد القدرة على الاتصال بالعالم الخارجي، وربما يفقد السيطرة على نفسه ويشعر كأنما يحتضر.

تستغرق النوبة الواحدة عدة دقائق في المتوسط، وغالبًا ما تكون مرتبطة بحدث مؤلم أو ذكرى سيئة.

  • الخوف المَرضي (Phobia)

شعور شديد بالخوف غير المنطقي تجاه شيءٍ ما أو بعض الأشياء الحقيقية، تختلف في شدتها من شخص لآخر، قد تكون مجرد شعور بالانزعاج، وقد تصل إلى تعطيل أداء الشخص تمامًا.

قد تحدث الفوبيا بسبب عوامل وراثية وجينية، أو وقد تكون نتيجة تجارب شخصية مؤلمة كالغرق مثلًا.

من أنواع الفوبيا أو الخوف المرضي:

  • رُهاب الأماكن
  • رُهاب الماء
  • رُهاب الظلام
  • رُهاب التحدث أمام الجمهور
  • رُهاب الحيوانات
  • رُهاب المرتفعات
  • رُهاب الأماكن الضيقة
  • رُهاب الدم
  • اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)

يتعرض الشخص لموقف مؤذي أو حدث مرعب يؤثر على عقله الباطن، فيجعله يواجه صعوبات في أدائه العام، والتواصل مع الآخرين.

كما تستحوذ عليه الذكريات السيئة، والأحلام المزعجة، وتلتهمه الأفكار السلبية، ودائمًا يشعر بالخطر، ويسهل استفزازه وإثارة غضبه.

ربما يتجنب الحديث عن الموقف الذي أثر به إلى ذلك الحد، ويتجنب كذلك الأماكن والأشخاص المتورطين في الحدث.

  • الرهاب الاجتماعي (Social anxiety disorder)

يبدأ عادةً في فترة المراهقة ويؤثر على حياة الشخص بالكامل فهو لا يقتصر على الخجل، بل يجعل الشخص قلقًا من ممارسة كل الأنشطة اليومية.

يخشى النقد، ويتجنب التواصل البصري، ويواجه صعوبة عند فعل أي شيء أمام أعين الناس حتى شربة الماء!

  • الوسواس القهري (OCD)

يصاب الشخص بأفكار متكررة تشبه الوسوسة تدفعة إلى القيام بالفعل ذاته عدة مرات لأنه يخشى كونه لم يفعله حقًا، ويحتاج إلى التأكد من ذلك بنفسه مرارًا.

  • اضطراب القلق المعمم (GAD)

يشعر المرء بالخوف والتوتر لمدة طويلة تجاه أمورٍ عدة وليس نحو شيءٍ واحدٍ كباقي أنواع القلق.

أسباب اضطراب القلق المعمم (GAD)

تتنوع أسباب القلق فيما بينها، فقد تكون:

  • عوامل وراثية وجينية.
  • نشاط بعض مناطق المخ المسؤولة عن العاطفة والسلوك.
  • فقدان التوازن بين بعض النواقل العصبية الكيميائية في المخ مثل: السيروتونين، والنورأدرينالين اللذَين يتحكمان في الحالة المزاجية للشخص.
  • التعرض للعنف، أو موقف مرعب، أو صدمة نفسية كبيرة.
  • المعاناة من مشكلة صحية مؤلمة لمدة طويلة مثل:

التهاب المفاصل، أو بعض أمراض القلب، أو الغدة الدرقية.

  • نتيجة الاستخدام الخاطئ لبعض الأدوية.
  • إدمان الكحوليات.
  • قد يكون السبب غير واضح.

الفئة الأكثر عرضة للقلق

ينتشر اضطراب القلق المعمم في دول العالم المختلفة، ويصيب نحو 5% من سكان المملكة المتحدة، ويكون الأشخاص المزاجيون أكثر عرضة للإصابة بأمراض التوتر والاكتئاب.

تزداد فرص الإصابة في الفئة العمرية من 35 إلى 59 عام، وتُصاب به النساء أكثر من الرجال.

أعراض القلق

تنقسم إلى أعراض نفسية، وأعراض جسدية، تختلف من شخصٍ لآخر في نوعها وشدتها، فقد يشعر الشخص بمجرد عدم راحة في معدته، أو قد تتمكن منه نوبات الهلع وتعيق مسار حياته بالكامل، ومن أشهرها:

أعراض نفسية:

تحدث نتيجة اضطرابات الجهاز العصبي، مثل:

  • الشعور بعدم الراحة
  • التوتر
  • صعوبة في التركيز
  • الأرق

أعراض جسدية:

تمثل آلامًا حقيقية ليست من إدعاءات المريض، مثل:

  • الدوار
  • خفقان القلب
  • التنفس السريع
  • الصداع

هل أحتاج إلى المساعدة؟

يُعد الشعور بالتوتر في بعض المواقف الحياتية أمرٌ طبيعي، أما إذا تعارض مع أنشطتك اليومية وأثر سلبًا على جودة حياتك فأنت بحاجة إلى التدخل الطبي والعلاج.

يمكنك إجراء اختبار التوتر والاكتئاب أونلاين من هنا ومعرفة نسبة قلقك.

علاج اضطراب القلق

يتنوع علاج التوتر ما بين الدوائي والطبيعي والسلوكي والإدراكي، ولكن الأفضل الدمج بينهم لتحقيق أفضل النتائج.

العلاجات الطبيعية للقلق والتوتر

ممارسة الرياضة

لا تفيد الرياضة فقط في تحسين الصحة الجسدية، بل الانتظام عليها له تأثير كبير على الصحة العقلية والنفسية كذلك.

أظهرت الدراسات أن الأشخاص الذين كانوا يعانون من اضطرابات القلق ومارسوا الرياضة بانتظام انخفضت لديهم معدلات القلق، وقلت حدة أعراضه.

تساعدك التمارين على التخلص من المشاعر السلبية، وإفراز بعض المواد المهدئة مثل:

  • السيروتونين
  • حمض جاما أمينوبوتيريك (GABA)
  • عامل التغذية العصبية المشتق من الدماغ (BDNF)
  • نظام كانابينويد (endocannabinoids)

إن لم تستطع الذهاب إلى الصالات الرياضية أو ممارسة الرياضة التي تحب، يمكنك ممارسة المشي السريع يوميًا، المهم أن تظل نشيطًا.

الطعام الصحي

احرص على تناول وجبات غذائية متزنة تجمع بين كميات كبيرة من البروتين مع الكربوهيدرات المعقدة والخضروات والفواكه، واشرب الماء بوفرة، وقلل من تناول السكريات والأطعمة الجاهزة والمعالجة.

الأعشاب

تستطيع بعض الأعشاب تقليل حدة أعراض القلق، وإضفاء نوع من الاسترخاء مثل اللاڤندر وبلسم الليمون والكافا.

العلاج العطري

تساعد بعض الزيوت العطرية على الاسترخاء وتحسين المزاج مثل:

  • زيت اللاڤندر
  • زيت الجريب فروت
  • زيت الورد
  • الليمون العطري

التأمل

تعلم كيف تستمتع بلحظتك الحالية وتزيل من رأسك أي شوائب من الأفكار أو الذكريات غير المرغوبة، فثلاثون دقيقة من التأمل اليومي قادرة على امتصاص التوتر وتقليل شعورك بالقلق والاكتئاب.

تمارين التنفس العميق

اجلس في وضع مريح واسند ظهرك، اجعل بطنك تتنفس وليس أنفك فقط، وأخرج النفس ببطء شديد، يمكنك تكرار ذلك لعدة دقائق يوميًا.

تعلم كيف تتنفس بعمق لإزالة التوتر والقلق

النوم الجيد

يؤثر النوم الجيد في المساء على صحتك العقلية وقدراتك الذهنية، بينما النوم غير المنتظم أو لساعات قليلة يستهلك صحتك ويزيد حدة أعراض القلق.

يوصي مركز مكافحة الأمراض (CDC) بالنوم مدة سبع إلى تسع ساعات يوميًا للشخص البالغ.

توقف عن العادات الخاطئة

حدد أولوياتك في الحياة، ولا تسمح للمنغصات أو الأفكار الشاردة أو العادات المضرة أن تسلبك ذهنك وصحتك.

 يؤثر كلا من تناول الكحوليات والسجائر سلبًا على صحتك النفسية، حتى وإن كنت تشعر بالراحة بعد أيٍ منهما إلا أنها راحة مؤقتة تجلب لك الأسوأ على المدى البعيد.

يعد الإسراف في تناول القهوة والمشروبات التي تحتوي الكافيين من محفزات الشعور السلبي خاصةً إذا كنت تعاني اضطراب القلق المزمن، فهو يحفز إنتاج الأدرينالين ويزيد من حدة نوبات الهلع.

إذا كنت تشرب الكحوليات أو منتجات الكافيين أو تدخن السجائر فعليك أن تقلع عنها تدريجيًا، بحيث تقلل الجرعة اليومية بمقدار بسيط لمدة أسبوع مثلًا أو أسبوعين ثم تقلل مقدارًا آخرًا… وهكذا حتى تتمكن من قضاء يومك دون الاستعانة بتلك الأشياء.

علاج القلق
علاج القلق

الخيارات الدوائية لعلاج القلق

لا ينبغي استخدام أيٍ من أدوية العلاج النفسي دون استشارة الطبيب المختص لأنك بذلك قد تعرض نفسك لمخاطر لا طاقة لك بها! قد يصف لك الطبيب:

  • مضادات الاكتئاب

تعد مجموعتي مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين ومثبطات إعادة امتصاص السيروتونين والنورإبينفربين هما خط الدفاع الأول ضد الاضطرابات النفسية.

  • دواء بوسبيرون

يعتبر من أفضل أدوية القلق، ويبدأ مفعوله بعد أسبوعين إلى أربعة أسابيع.

  • البنزوديازيبينات

تستخدم كمهدئات في حالات القلق الحاد، ولكن لمدة قصيرة ومُمنهجة حتى لا تسبب الإدمان.

العلاج النفسي للقلق

العلاج المعرفي السلوكي (Cognitive Behavioral Therapy)

يعتمد العلاج السلوكي المعرفي على إعادة النظر للمشكلات من خمسة مفاهيم مترابطة:

  • المواقف
  • الأفكار
  • العواطف
  • الأحاسيس الجسدية
  • الإجراءات

فهو يساعد الشخص على تحديد مشكلته بدقة، والتركيز عليها وتغيير نمط تفكيره ليستطيع حلها بنفسه والتعلم منها لحياته فيما بعد، كذلك يضعه على طريق التخلص من دوائر التفكير السلبية التي تزيد المشكلة تعقيدًا وتجعله عبدًا للقلق.

العلاج بالتعرض (Exposure therapy)

يفيد هذا النوع خاصة في علاج الخوف المرضي والوساوس، حيث يتعرض الشخص لجزء ضئيل من مصدر قلقه تحت إشراف الطبيب المعالج ويتعلم كيفية مواجهة ذلك الشيء أو الخوف.

يستمر ذلك لمدة طويلة ثم يبدأ الطبيب بزيادة مقدار ما يتعرض له المريض من مخاوف تدريجيًا حتى يتعلم كيف يتعامل معه كأي شيءٍ عادي. 

عزيزي القارئ لا تقلق من كونك قلقًا، فهذه هي الحياة وهذا هومنهاجُها، ولست وحدك من يعتريك القلق، فكما يقول مارك مانسون في كتابه (فن اللا مبالاة):

“ينتابك القلق في ما يتعلق بمواجهة شيءٍ ما في حياتك، ثم يجعلك هذا القلق عاجزًا عن فعل أي شيء، أنت تصير قلقًا بخصوص ما يتعلق بقلقك، وهذا ما يسبب لك مزيدًا من القلق!”.

المهم أن تتفهم طبيعة مشاعرك وتتصالح معها، وتتعلم كيف تتعامل معها، وكيف تتمكن منها قبل أن تتمكن منك.

المصادر

https://www.anxietycanada.com/disorders/pani

https://www.healthline.com/health/phobia-simple-specific#causes

https://www.webmd.com/balance/stress-management/natural-remedies-for-anxiety

https://www.healthline.com/health/natural-ways-to-reduce-anxiety

https://www.nhs.uk/mental-health/conditions/social-anxiety/

https://www.nhs.uk/mental-health/conditions/obsessive-compulsive-disorder-ocd/overview/

https://www.nhs.uk/mental-health/conditions/generalised-anxiety-disorder/overview/

https://www.mayoclinic.org/diseases-conditions/generalized-anxiety-disorder/symptoms-causes/syc-20360803

https://go.drugbank.com/drugs/DB00490

زر الذهاب إلى الأعلى